حرفيو سوقي النحاسين والمناخلية… حراس الذاكرة الدمشقية يروون قصصاًمن الماضي العريق

الأحد, 16 تشرين الثاني 2025 الساعة 00:03 | مجتمع, أخبار المجتمع

حرفيو سوقي النحاسين والمناخلية… حراس الذاكرة الدمشقية يروون قصصاًمن الماضي العريق

في دمشق القديمة، حيث تتعانق الأزقة وتتنفس الجدران عبق التاريخ، يقف سوقا النحاسين والمناخلية كحارسين لتراث المدينة، يرويان قصصاً من زمنٍ كانت فيه الحرفة شرفاً، والصنعة فناً، والسوق ملتقى الأرواح، قبل أن يكون مكاناً للتجارة.

 

الحرفيون في السوق الذي يتجاوز عمره 200 عام ويقع ضمن سور دمشق الأثري بين حي العمارة وقلعة دمشق، يصوغون بأيديهم قصائد من المعدن والخشب، تروي للأجيال القادمة حكايا إبداعهم، ويجسدون في أعمالهم صبر الأيادي، ودقة العمل، وكرامة الحرفة.

 

الحرفي عماد الدين الهيجاني “54 ” عاماً، قال في تصريح لمراسلة سانا: بدأت العمل في سوق النحاسين في سن 14 عاماً، عشت فيه 40 عاماً بين المطرقة والسندان، وكنت شاهداً على ماضيه العريق، وحاضره الذي يعاني قلة الحرفيين.

 

ووفق الهيجاني، كان السوق مخصصاً للنحاسين فقط، لا حرفة سواها، لكن مع مرور الزمن دخلت مهن أخرى، وبدأ البعض يبيع أواني مختلفة، لكن رغم التحديات، ماتزال الصبغة النحاسية هي السائدة على السوق، مشيراً إلى أن أعماله، تنوعت بين هلالات الجوامع، والمجامر، وقطع الضيافة للقهوة، وغيرها.

 

وأكد الهيجاني أن الأواني النحاسية الدمشقية تشهد إقبالاً متزايداً، وخاصة من قبل المطاعم، مثل الحلل الكبيرة لطهي المناسف، إلى جانب المقالي والجاطات الضيافية التي تحمل طابعاً تراثياً فريداً، مبيناً أن الزبائن من دول الخليج يفضلونها لما تتميز به من جودة وأناقة وارتباط بالهوية الثقافية.

 

الحرفي محمد شريف المرعي “أبو عارف” أكد أنه كان شاهداً على هذه الحرفة العريقة المتوغلة في القدم، وذاكرة لا تزال تنبض بالحياة، وقال: “كان السوق يعجّ بالحرفيين، أما اليوم فقد تقلص عددهم كثيراً، وما زالوا يقاومون بصمت، حيث تراجع الإقبال على الأواني النحاسية، رغم جمالها وعمقها التراثي.”

 

ودعا المرعي إلى ضرورة تخفيض الرسوم على المواد الأولية غير المتوفرة محلياً، وتقديم دعم حقيقي للحرفيين، للمحافظة على هذه الحرفة، مؤكداً أن الحرفيين الباقين يعملون للحفاظ على هذه الحرفة، ونقلها للأجيال القادمة، لكونها تمثل جزءاً من هوية دمشق، وتراثاً لا يُقدّر بثمن”.

 

موفق الأيوبي، يعمل في سوق المناخلية منذ ستين عاماً، أوضح لمراسلة سانا أن السوق يحمل اسماً نابعاً من الحرفة، التي نشأ عليها، صناعة المناخل والغرابيل، أدوات كانت جوهر الحياة الزراعية والتجارية والصناعية سابقاً، بينما تحوّل السوق اليوم إلى مركز لبيع الخردوات والعدد الصناعية، لكنه

لا يزال يحتفظ بروحه الأصيلة، وجدرانه القديمة، وعائلاته التي توارثت الحرفة جيلاً بعد جيل.

 

أما الحرفي موفق أمون، أحد أقدم العاملين في السوق، فقال بدوره: “أعمل في هذه الحرفة منذ أكثر من خمسين عاماً، تعلمتها أباً عن جد، واستطعت أن أبدع فيها، لأنها ليست مجرد صنعة، بل عشق متجذّر في القلب”.

 

وأوضح أمون أن القطع التي يصنعها تتنوع بين الأواني المنزلية الصغيرة، وأدوات المطبخ الكبيرة التي تطلبها المطاعم، وأدوات الحمام التقليدية، لافتاً إلى أن أغلب الزبائن يأتون من خارج دمشق، بحثاً عن الجودة والأصالة التي تتميز بها المنتجات النحاسية الدمشقية.

 

ويُعدّ سوق النحاسين في دمشق القديمة وجهة مقصودة للباحثين عن الأصالة الدمشقية، إذ يجمع بين روح الماضي ودفء الحاضر، ويمنح الزائر شعوراً بالراحة والانتماء، فالسوق لا يقدّم منتجات فحسب، بل يُوفّر كل ما يحتاجه الحرفيون من أدوات وخامات، ويُشكّل بيئة حاضنة للحرفة.


أخبار ذات صلة


اقرأ المزيد...
أضف تعليق

تصنيفات الأخبار الرئيسية

  1. سياسة
  2. شؤون محلية
  3. مواقف واراء
  4. رياضة
  5. ثقافة وفن
  6. اقتصاد
  7. مجتمع
  8. منوعات
  9. تقارير خاصة
  10. كواليس
  11. اخبار الصحف
  12. منبر جهينة
  13. تكنولوجيا